في أحيان كثيرة يستعصي علي الكلام وأصاب بحالة من الخرس الإرادي 
ويصبح الكلام صعب أن يخرج من الحلق وقد أغلق القلب أبوابه وأصير مدينة خالية من سكانها تعوي بها الريح .
ولكني أسمع أصوات بداخلي تأبى أن تقول شيئا , وتختبئ وراء الصمت ولكنها تقرع جدران الإحساس والحس ,
بل تنبش الأتربة القديمة التي غرقت بها مدينة قلبي .
ولا أملك حيالها شيئا غير أنات تتصاعد , ثم تخبو , وسحابة من اللاوعي تظللني وكأني في عالم آخر أعيش .
في قاع من الغفلة كنت بين الصحوة والغفوة بين الإرادة واللاإرادة حيث نقف نحن البشر سويا إذ لا رغبة في شيء ولا ميل نحو شيء ولا لهفة تحفز لشيء ,
حيث يكون التلاشي ويكون الفراغ بدل كل شيء .
هناك حيث كنت أقف ويقف البعض ممن يعيش في جوف بئر من التساؤلات وقعر واد سحيق من الغيبيات حيث يشيخ السؤال ولا يجد لنفسه إجابة ,
حيث يدور البشر جميعا حول أنفسهم بلا جدوى وحيث تتقافز الوجوه الحائرة علها تجد مخرجا ,
وحيث يكون اللاشيء هو كل شيء وقد يكون الفراغ سبب الوجود و هو دوامة تأكل كل شيء .
حيث كنت ,كان النوم الأبدي للإحساس واجبا ,حتى تنجح عملية استئصال بضعة من الشعور ومضغة من الإحساس ,
وحتى نستطيع العيش بلا ضمير ولا وخز ضمير .
حيث كنت كان اللاوعي يفوق الوعي , واللامنطق يفوق المنطق ,وحثالة من أنصاف البشر يسرقون الأحلام , ويسلبون الوقت ويتلصصون على الزمن .
حيث كنت لا يجب أن يكون هناك قلب ولا شاعرة غير أحجار تشبه البشر تسير على قدمين وتنظر بعينين وتأكل بعضها.
الصمت الذي قتل الصوت واتسع في الفراغ حتى ابتلع كل حركة وصار الكون يلج في السكون.

 كون يمتد فينا ,وبنا , ولنا ,ونحن فراغ ينتهي لفراغ , وضجيج ينتهي بصمت ,وحركة تنتهي بسكون .
حيث كنا, وكان هذا الكون كبيرا يصغر , وحياة تموت ,ومأساة تنتهي .
قد يكون الضجيج في داخلي أكبر من الكلمات وأعظم من اللغة وأضخم من الأسماء كلها .
ضجيج أثقل كاهلي, وأخرس لساني ,وأعقبني غفوة وعودة للداخل , للعمق , للأغوار
لا أعرف من أين جاء هذا الضجيج ؟
فمن أين جاء ؟ ولم جاء ؟
8/12/1430
سمو المشاعر

الجوهرة عبدالله السلولي

Share