كان الجدب يقتل كل شيء وكانت السماء تضن بقطرة الماء الأرض صارت يبابا ,فقدت نضرتها وتشقق وجهها وتسلخ جلدها وفاضت حشرات تدب فوقها باحثة عن قطرة ماء . أصوات البوم والغربان صارت تنعق في جوف السماء وكأنها تستغيث تناثرت جثث الحيوانات النافقة هنا وهناك, وصارت تتعفن وتنشر رائحة الموت . ولا قطرة ماء. لهيب الشمس يحرق كل شيء ويبتلع ما احتفظت به الأرض من ماء . جفاف وموت , ولا قطرة ماء. صمت ورهبة وكآبة تلف الأرض كلها, لا شيء يبعث على الأمل . هناك كانت المخلوقات البشرية تجمع ما تبقى منها لتخرج لفضاء الأرض تبحث عن قطرة ماء . ولا قطرة
هائم على وجهي لا أعرف إلى أين الوجهة , كنت أعرف أني في مفترق طريق وأني بت شيئا فاقد ًاكونه شيئا . لست أعرف كيف أبدأ الكلام كنت أتلعثم وأخلط بين فكرة وأخرى . الناس حولي كانوا يتجاوزوني وفي سخرية صارخة يهزون أكتافهم ويمضون . أنا الذي لا أدري إلى أين أمضي, إن توقفت عند بوابة مغلقة لم أطرق بابها ولن أفعل, هؤلاء الذي يطرقون البواب فقدوا الأمان في أرواحهم أما أنا فأماني في روحي لا أحتاج لأن أطرق بابا مغلقا ,إن فتح دلفت وإلا غيرت ألوجهة . ما ثمة شيء يغريني بشيء , كلهم لهم ذات الوجوه وذات الأفواه
حكاية {1} ليس ثمة ما يمنع أن نكون كما نحب ولكنا نحن نستلقي في انتظار شيء فوق قدرتنا ليغيرنا لما نحب. كنت أحزم أمتعتي للسفر وكانت الجو غائما و عتمة الليل تخفي كثير من تفاصيل المدينة التي جئتها زائرا , حقيقة كانت هي من ضمن ما حملته معي حين غادرت موطني تركتها وهربت مثل شيطان أرتكب غوايته ثم تخلى . لم يكن من بد أن أفر وما كانت تستطيع أن تعترض . كنت لئيما أعرف ذلك, وكانت متحفظة وهي تعرف ذلك .لا تظنوا أني ارتكبت معها محرما لا لم نفعل ولكن جرمنا أنا أحببنا بعضنا في زمان ومكان خاطئين .
ما كنت أعرف كيف أبدا هذه القصة الغريبة . وغرابتها المحيرة لا تكمن في شدة واقعيتها مع عدم الثقة في أن تكون حقيقة . هي لم تولد بعد لكنها جاءت على أية حال من الماضي وحلت في الحاضر وصارت هي . رغما عنها تشكلت كما لم ترد وصارت مزيجا من مجموعة أسئلة محيرة لم تتمكن هي من أن تجيب عليها فامتلأت بالحيرة وكبرت بها . لا زلت أذكر تلك الصفرة الغامضة المحزنة عند الغروب التي تكسو ذلك الدهليز الصغير الذي كنا نجلس فيه صغارا نستذكر دروسنا ونكتب واجباتنا المدرسية . غموض الساعة تسلل إلى روحي غموضا أبديا . وها أنا
كان الجدب يقتل كل شيء وكانت السماء تضن بقطرة الماء الأرض صارت يباب ,فقدت نضرتها وتشقق وجهها وتسلخ جلدها وفاضت حشرات تدب فوقها باحثة عن قطرة ماء . أصوات البوم والغربان صارت تنعق في جوف السماء وكأنها تستغيث تناثرت جثث الحيوانات النافقة هنا وهناك وصارت تتعفن وتنشر رائحة الموت . لا قطرة ماء لهيب الشمس يحرق كل شيء ويبتلع ما احتفظت به الأرض من ماء جفاف وموت لا قطرة ماء صمت ورهبة وكآبة تلف الأرض كلها لا شيء يبعث على الأمل هناك كانت المخلوقات البشرية تجمع ماتبقى منها لتخرج لفضاء الأرض تبحث عن قطرة ماء . ولا قطرة ماء صراخ الصغار