قال لها  بعد حوار مشدود على وتر من  اللوم  : ما عدت تصلحين لشيء .

وعقب وهو يدير ظهره سائرا نحو الباب :

تحتاجين لطبيب نفسي.

أطلق على  مشاعرها رصاصة مباغتة وخرج . اخترقت كلماته داخلها وتشعبت

حتى تغلغلت في أغوار النفس وحفرت لها مجرى من الألم .

احتاجت لبرهة صمت حتى تلملم نفسها المبعثرة وترتق جرحها الذي أوغل  فيه أصابعه  حتى عاد نزفه  .

لم تسمح لدمعة أن تسقط ولم تأذن للغضب أن ينفلت وظلت على جلستها متكورة على نفسها تحتضن ألمها وتتأمل  كل ما كان بينهما .

كان حديثا عاديا بينها وبين أختها انتهى ببوح فسألت أختها بنبرة المحقق: وماذا قلت له ؟

لكنها لم تقل شيئا ولم يعطها الفرصة لتقول فانفجرت أختها :

كان عليك أن تردي عليه إهاناته بمثلها . لم سكت ؟ سكوتك يدل على الرضا أو عدم الاكتراث .

وتابعت غاضبة : أبعد عشرين سنة من الحياة والصبر ؟

نعم أبعد هذا العمر صرت لا أصلح لشيء , تبا لكم أيها الرجال .

هذا ما تردد في تجاويف فهمها , وهي تصغي كطالب بليد لما قالته أختها .

وحين سمحت لما في نفسها أن يندلق في أذن صديقة لها قالت لها بهدوء : حاذري من رؤية الأمور على غير ما هي عليه .

ثم عقبت ونظراتها تسيح في تفاصيل وجهها تتفحص ردة فعلها :

قد تكونين أنت من استفزه .

لم يكن واحد من  القولين يرضيها لا تريد شجار كما أومأت ذلك أختها وليس غبية كما ألمحت صديقتها إنها تعي كل شيء .

انكفأت على نفسها وراحت تجمع شظايا أقواله التي جرحتها في الصميم وتسترجع عسل الأيام التي مضت فانساحت الدموع على خديها غزيرة

تذكر أنه قال لها يوما : لا أحد يسكنني غيرك .

لم  الآن لا أصلح لشيء ما الذي تغير هل كبرت ؟

وسارت نحو المرآة ونظرت لتفاصيل وجهها . هاهنا بعض تجاعيد دقيقة

وتفرست أكثر لقد فقدت عيناي بريقهما وبدت هالة سوداء تفترش أسفل العينين .

وتأملات قوامها : لقد اكتنز جسدي .

ووقعت في مصيدة أخرى<  ولم تدرك أبعادا لما هي فيه . وحين دخل بعد أن تجاوزت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل  ,وجدها تنتظره .

كان ودودا أكثر, محبا أكثر ,رقيقا أكثر, فنست كل شيء وحتى اكتناز قوامها, وغرقت في أقاويل الحب التي هدر بها فمه , وفجأة لمحت أحمر شفاه على ثيابه فلدغت , وتأهبت لشجار جديد .

الجوهرة

5/5/ 1432هـ

Share