28 نوفمبر
2011

المطر الأسود وليلة مزعجة
رأيت وكأنما سفينة ترسو ولكن ليس على بحر ,رأيتها ترسو على رمال ذهبية .
رأيت أفواجا من البشر لا ترتدي ثيابا مألوفة .
تقف فوق السفينة وتحاول النزول ,وعلى وجوههم شيء واحد لم أره ولكني أحسسته ؛
كان الشعور بالخوف والرهبة والترقب مرسوما واضحا على تلك الوجوه .
رأيت القمر صار قمرين وبجوارهما الشمس .
كان ضوء القمرين يخبو شيئا فشيئا, وكان ضوء الشمس يتضاعف
حتى ألهبت حرارتها الرمال .
ثم أحسست وكأن الأرض تهتز , ثم مادت السفينة بأهلها قليلا .
وصار الصراخ يسمع واضحا يخرج مبحوحا من حناجر البشر الغرباء .
كان العرق يتصبب منهم , وهم منشغلون ينظرون للأفق ينتظرون أمرا ما .
وفجأة انشقت السماء وصارت ترمي بماء أسود ثقيل .
وهم يحاولون أن يتقوه, ولكنهم لم يجدوا من دونه ملجأ ولا منه مفرا , فبلل ثيابهم بل لطخها وسود وجوههم .
فتدافعوا يقفزون من السفينة الضخمة نحو الأرض الرملية الملتهبة .
لأمر ما كانوا يقفزون إلى لهيب الرمل .
لأمر ما لا أعرفه كانوا يصرخون .
لأمر ما لم أفهمه كانوا ينظرون وينتظرون .
و كأنما هذا الماء الأسود الذي لا يمكن أن يكون مطر خير
علامة تأمرهم بترك السفينة .
لا أحد منهم ينظر أو ينتظر أحدا , ولا أحد منهم يعبأ بأحد , كان كل منهم يحاول النجاة
أما السفينة فصارت تغرق في جوف الرمل , وهم يتراكضون من حولها هاربين .
بينما ظل البعض متأخرا لم تساعده قواه ولا عزيمته أن يترك السفينة حين تركها الباقون .و حين لم يفهم رسالة ذلك الماء الأسود كما فهمها البعض الذين غادروا ,
وبقي حين قُدر له أن يغرق في جوف الرمال وهو ينظر للناجين نظرة من لا يرجو أن يكون معهم .
ولم يمهله تفكيره لكي يغبطهم أو يحسدهم على النجاة وكان ظنه أنهم أفضل منه حالا وأسعد منه مآلا .
ولم يمهله القدر ليرى مصيرهم , وليدرك أنه هو الأفضل قدرا ؛
فهم ما إن وضعوا أقدامهم على الأرض مبتعدين عن السفينة حتى صارت تذوب من حرارة الرمضاء.
لم تفلح قفزاتهم عاليا في الهواء أن تنقذهم من الاحتراق حتى العظم .
فعقروا أرضا ,وصاروا يتلوون ألما وأجسادهم تذوب بسرعة .
وصرخاتهم تذوي في حلوقهم شيئا فشيئا حتى ما عادوا قادرين حتى على الهمس .
حينها صار المطر الأسود يسقط بغزارة ويدفن الجثث المتفحمة ويغطي وجه الأرض الرملية الملتهبة .
فاكتست بالسواد وعم السكون و رائحة غريبة صارت تنتشر .
رأيتني وأنا ضائعة في هذا الفلك الغريب من العالم ,
ولم أكن بين أهل السفينة ولا من أهل الرمضاء فحمدت الله ,وحال بيني ويبنهم وشاح النور الذي توشحت به البرية .
هكذا كانت ليلة أوهام مزعجة .
الجوهرة

twitter facebook digg delicious linkedin technorati stumbleupon

الرد

4 تعليقات على “المطر الأسود”

  1. يقول رفييعه الشآآآآآآآآن1:

    ابدااعااتك كثييره
    بحيث يعجز لسااني عن التعبيير بمدى اعجابي بهاااا
    انتي قدووه كثيير من طاالبااااتك
    انتي وررده تفووح ابدااع وجماالااا
    اتمنى لكي المزييد من التققدم والنجاااح
    طاالبتتتك3\ع

  2. يقول الرقيقه:

    قصه غريبه تشعرين بالخوف وكأنكي عالقه في هذا المكان لامحاله وخائفه

    ولاتعلمين ماذا ستفعلين واين تذهبين شكرا على القصه يا

    استاذتي المبدعه والمتألقه 😉

    والى المزيد من النجاح

  3. يقول المخلصة للغة الضاد:

    قصة صاخبة بالأحداث ، والمواقف المزعجة ، ربما تحكي عن موقف ما ، أومواقف وقعت في معترك الحياة ..لاأقول غيرإني استمتعت بقراءتها ، وبمواقفهاالمثيرة .
    كم يشرفني ويمتعني المروربين إبداعاتك ! .
    تحياتي العاطرة

    • يقول الجوهرة عبدالله السلولي:

      العزيزة المخلصة للغة الضاد ,
      هي هلوسات في ليلة محمومة تصور حقيقة غامضة تطوف بنا خلف عتمة الحياة دون أن نعي لها معني ومعناها في تلافيف الحياة لمن تأمل .
      لك خالص شكري وتقديري على متابعتك
      الجوهرة



3٬605
HTML CSS