3 مايو
2012

 الشمس على وشك المغيب تودع الحياة الأبدية فوق تلك التلال ناثرة دماءها

وأشعة واهية توشوش الحقول المجدبة تتوعدها بروح النهاية وقلب الفناء

حين هرولت مريم قاطعة لجة الغبشة وناحرة خوفها من وحشة المكان هرولت بلا فكرة ولا سبب تضحك حينا وتبكي أحيانا .

 كان هؤلاء المستسلمون للرتابة قد عادوا منذ ساعة إلى بيوتهم وخلت الحقول منهم

الممرات الموحشة تسكنها القطط الجائعة والسماء الصفراء تهجرها الطيور المختفية في أعشاش واهية .

صرخت فبدد الكون صرختها هرولت وتجاوب الكون مع وقع أقدامها المرتابة

توقفت هناك  عند شجرة منزوية على منعرج طريق ترابي مغبر. توقفت طويلا تحدثت إلى نفسها أو لعلها تتحدث إلى الشجرة بكت ضحكت وصفقت  وصاحت تنادي لنصغي على صوتها المتردد في المكان الموحش أصغوا صه 

— صه إنها تنادي أحدا .

 دعونا نتيقن .

إنها تنادي سليم —- سليم .

تبدد صوتها  وصار يرجع رصاصات قاتلة إلى صدرها .

قالت أشياء للشجرة لم تسمعوها بالتأكيد ولكني سمعتها رددت الشجرة بلا لسان :

آه يا مريم .

ثم  ضحكت مريم —-  ضحكت بطريقة غريبة أقرب للبكاء .

لا أحد هناك لا أحد يسمعها ولا يراها ,الناس انكمشت مرهقة على نفسها وانفلتت هي من حزنها فجابت الطرقات منكوشة الشعر حافية القدمين كان الحزن يسكن عينيها وإن ضحكت .

راحت تقطع الطرقات راكضة بلا هدف , توقفت عند عتمة المقابر وجثت على ركبتيها وبكت, بكت بصوت مكتوم ثم تمددت على التراب ونامت نومة طويلة.

تلاشت مع حزنها حتى نست قصتها وغابت عن الوجود كما لو أنها لم تكن وكما لو أن قلبها الصغير لم يتصدع بالألم أنساها الموت كل شيء ونُسيت .

انسكبت الأيام على قبرها غبارا وترابا وأمطارا وتراكمت جثثا وأمواتا  ولكن مريم في كل مرة تخرج من قبرها لتصيح في ذات الوقت وفي ذات كل امرأة معذبة.

 

كانت مريم  تـُرى  في وجوه النساء البائسات ويسمع صوتها في حلق كل امرأة ذاقت ويلات الحرمان والظلم والقهر وسفت الصبر مع كل سوط ألم ينزل على روحها فتتعذب وتطلق تأوهات التوجع دون أن يفهمها أحد أو يحس بها أحد .

ويلاه  يا مريم  كم تتعذبين !

الجوهرة

12 /6 /1433

twitter facebook digg delicious linkedin technorati stumbleupon

الرد

6 تعليقات على “مريم”

  1. يقول نبيلة غنيم:

    الجوهرة الغالية.. دخلت إلي موقعك مشتاقة .. فوجدت أحزانا تثير الشجون وتطبع في القلب بصمات جوهرية مضيئة .. وجدت مريم وكل مريم تجلس في حنايا صفحتك تبث شجوها من المهد إلي اللحد
    ولكن ماذا أقول وبما أعلق … لم أعرف!!!
    فالحياة خلقها الله وخلق فيها الانسان في كبد ..وإن كانت حواء لها النصيب الأوفر من الكبد والتعب والوهن فسوف يجعل الله لها في الآخرة النصيب الأوفر والأكبر من الرحمات في الآخرة
    أبدعت يدك وعقلك يا جوهرتي .. دام إبداعك.
    تحياتى وتقديري

    • يقول الجوهرة عبدالله السلولي:

      أستاذتي نبيلة ,
      أنتظر مرورك بشوق .
      أستقبل ردودك بفرح .
      لا عدمتك أستاذتي الغالية .
      تقديري وخالص ودي
      الجوهرة

  2. يقول رفيعه الشان1:

    rby y36eeeeek 2lf 2lf 2lf 3aafyaa mn gd aleeeeemaaah ahneek 3 6r7k el akthr mn raaaa23

    6albtk:rfe3h el-shan

    • يقول الجوهرة عبدالله السلولي:

      رفيعة الشان
      رفع الله شأنك .
      أشكرك على مرورك .
      بودي لوكتبت بالعربية لغة القرآن .وعلى الرغم فإني سعيدة بك .
      خالص تقديري
      الجوهرة

  3. يقول المخلصة للغة الضاد:

    نحن بين ضفتي الحياة ؛ الفرح والألم ، ويبقى الله واحة أمن للخائفين ، وبلسماشافيا للبائسين ..

    تحياتي العبقة لقلمك الآسر .
    تقبلي مروري



5٬160
HTML CSS