31 يناير
2013

إن القلق يسلبنا الحياة ينهبنا من أنفسنا وينهب الراحة منا , وهكذا أنا ؛ قلق يسكنه قلق . والقلق وليد خوف وتوجس وكلما تطلعنا بيأس للمستقبل كلما تلبسنا قلق مبرر أحيانا وغير مبرر في أحيان كثيرة .
إني قلقة لا من أمور ترتبط بي بل من أمور عامة ترتبط بالحياة برمتها بنا كبشر والأرض التي تحملت وجودنا على ظهرها مذ خلقنا وابتلعت بصبر أجساد أجدادنا ونحن لا نعرف غيرها ولا نأمل أن نتركها لغيرها .
هكذا عزيزي الأمور تتعقد هنا ,وهكذا تهبط علينا ستائر من عتمة لا أدري ما نهايتها .إني أعرف نهم الحياة الذي صار وحشا وحول البشر النهمين إليها المغمورين بنعيمها إلى وحوش تصارع من أجل الفتات وهي تحوز نعيم الحياة كله , وأعرف كيف تتحول الرغبات والنزوات إلى مطالب تلتهم مطالب الضعفاء البسيطة .
إن الحياة تتآكل من كل جوانبها ونحن في غمرتها مأخوذون بنشوة البقاء و الشره الذي لا يلتهم أحدا سوانا .
ولا أدري أيها العزيز , إن كنت أنظر للأمور بعين متبصرة يقظة أم أسدل على بصيرتي غشاوة حتى رأيت سواد الليل وتجاهلت نور الصباح . 
أليس هذا اتهام لي بالتشاؤم ؟ وما التشاؤم إلا بعض التبصر بقادم لا ندريه ,ولكنا نحسه نتلمس معالمه من خلال حاضر يأخذنا بلاوعي نحوه . فهل أنا متشائمة ؟ أخاف أن أكون كذلك ,إني لا أستطلع الغيب ولا أستطيع ولكنها الرهبة التي تسكنني كلما سقطت في سمعي تلك الأنباء عن موت ودمار وحروب وتهديد وأمراض وكوارث ,والسمع ينكمش فزعا منها قبل القلب . يا إلهي ,ما هذا الشر الذي استشرى وما بقدور خير قبع في نفوس تخاف عقوبة وتخاف نقد وتخاف حتى من ذاتها  أن يفعل إن كان قد فقد الفاعلية .
قال بعضهم لي إن الشؤم يخلقه التشاؤم فصار الشؤم من ضمن مخاوفي وأسباب قلقي .
أرأيت أيها العزيز , كم شوهتني الحياة وسلبت اليقين من روحي وأبدلتني بهذه الروح الملطخة بخوف وقلق وبكثير من الهموم المبهمة . وأنت تعلم أن تشوه الأجساد طلاء يزول و تشوه الأرواح ندب غائرة لاتزول . وإن هي إلا عبارة استقرت في خاطري ووجدت في الروح بعد ذلك لها مكانا حتى داوت بعضي ببعضي 
{ يا الله أنت اليقين وما سواك زيف ظل } ولذا توارى أيها العزيز ,ظلك وبقيت ذكرى تظللني , وتوارت الحياة ولم يتبق منها شيء .
الجوهرة
19 /3 /1434 هـ

twitter facebook digg delicious linkedin technorati stumbleupon

الرد



1٬538
HTML CSS