5 ديسمبر
2013

أم صادق لجوجة مزعجة كثيرة الثرثرة تقتحم المنزل في كل وقت تطرق الباب وتدخل , ثم تجلس لتثرثر في كل شيء .

تتحدث عن زوجها وأبنائها ثم عن الجارات ويتسع الحديث ليصل إلى البعيدين من الجيران .

كأنت أمي تصغي إليها بدهشة وصمت, وهي لا تترك فرصة لأحد ليبدي رأيا أو يقطع حديثها بأية ملاحظة .

وكانت أمي تتنفس الصعداء حين تخرج عائدة لبيتها أو لعلها تطوف منازل الجيران وتنثر أحاديثها في مجلسهم وتخرج .

ولكنها اليوم أضطرت لتصمت ؛ فحديث ضيفتنا جاذب ممتع  أكثر من ثرثرتها. ظلت تحدق بها تنتظر لحظات تنقض فيها وتفرط حبل غسيلها كله , ولكن هذه الفرصة لم تأتِ فتعود لتقلب في فنجان القهوة الفارغ بين يديها لتدفعه نحو أمي فتملأه لها من جديد .ترتشفه بصمت ممض وهي تحدق في وجوه النساء حولها . أم جميل كانت تسيطر على المجلس الذي ضاق بالجارات في عصرية اجتمعن فيها عند أمي .

أم جميل تتقن حبك القصص وروايتها , كانت لأحاديث  التي تخرج من فمها منمقة تتنطع بها وتتمطق تارة وتلحن تارة , فكان له أثر السحر على النساء المحدقات بها بانشداه وعلى وجوههن يتبادل في الارتسام  الابتسام والحزن ؛ فيحزنَّ لحزنها ويبتسمن لحديثها الباسم .

كانت  تروي قصص حدثت في سنوات خوال ٍ يوم تزوجت أبا جميل و أنها كانت صغيرة لا تعرف بعد ما  معنى الزواج . ثم يتشنج صوتها في حلقها وهي تترحم على أبيها الذي أجبرها على هذا الزواج غير المتكافيء عمرا .

وقبل أن تنهي الحكاية تروي حكاية والدها يوم أن قام بدور الأم ولازمها مدة النفاس إذ كانت  يتيمة . ثم تعود لذكر عمتها أخت أبيها ثم زوج عمتها وحكاية تجر حكاية .

ثم يتحشرج صوتها , فترتشف الشاي بسرعة , تصلح أم صادق من جلستها ظانة أن أم جميل قالت كل مالديها وتغمغم  محاولة أن تجذب أسماع الحاضرات ,وقبل أن تفتح فمها بكلمة تعود أم جميل  للتتابع . والنسوة يصغين بنشوة مشدوهات ,مر الوقت ثقيلا على  أم صادق وهي صامتة على مضض تنتظر الفرصة تؤاتيها لتحكي هي أيضا ما لديها  .يرتفع صوت أذان المغرب ,فتسكت أم جميل وتنهي الحديث بالاستغفار  وهي تنهض متثاقلة من مكانها . ها قد انفضَّ المجلس دون أن تتحدث المسكينة أم صادق .

للقصة بقية

twitter facebook digg delicious linkedin technorati stumbleupon

الرد

تعليق واحد على “في مجلس أمي”

  1. يقول سعيد حسين القاضي:

    وأين بقية القصة يا أستاذة



2٬307
HTML CSS