حين نغيب تبقى أرواحنا متشبثة بالمكان ويبقى عبق تلك الأرواح لا يلغيه كر أيام حتى وكأن الجدران تشربت بنا وبروائح أجسادنا واحتفظت بأصداء أصواتنا .إن الغياب لا يعني إلا مزيدا من الحضور . اخترت احرفي وانقيت كلماتي ولكني لم أختر ان توجه إليك إنها انسكبت كما ينسكب الماء نحو مصبه فاتجهت إليك رغم مراوغتي و محاذيري , تخونني قدرتي على التعبير هل لأني لازلت أحدق في ذات المكان وذات الزمان ؟ أم لا زلت مسكونة بك حتى أفرغت من كل شيء حتى اللغة ؟ تُرى من يستطيع أن يبتر ماضيه من حاضره وإن يقتطع نفسه من نفسه ؟ أيها العزيز
أجدل في ليلي أشرطة الشمس أفك جدائل الصبح عن أحلام مزهرة وأطلق في فضاء القلب عصافير أمنيات متعثرة وعتمة الليل ترنو إلي متحيرة قد لبس الليل ثياب الحداد والنهار صار في غياب فأسأل الطريق دلني على الطريق ! واعتق روحا معلقة على مشاجب الانتظار فخيوط الأيام تُنسل من ملاءة العمر في تتابع بغيض وظل كئيب والكلمات تتملص من الخيبات تعود من العجز تعود تسف القلوب التراب وحمولة رمل تثقل الأهداب نم يا متسولا حبا سلاما أمنا نم على القلق على الأرق على غل طين يقيد الأحداق والروح تستريب من التراب لا شيء غير ضباب والحياة المجنونة تركض في اضطراب أغدر
إن القلق يسلبنا الحياة ينهبنا من أنفسنا وينهب الراحة منا , وهكذا أنا ؛ قلق يسكنه قلق . والقلق وليد خوف وتوجس وكلما تطلعنا بيأس للمستقبل كلما تلبسنا قلق مبرر أحيانا وغير مبرر في أحيان كثيرة . إني قلقة لا من أمور ترتبط بي بل من أمور عامة ترتبط بالحياة برمتها بنا كبشر والأرض التي تحملت وجودنا على ظهرها مذ خلقنا وابتلعت بصبر أجساد أجدادنا ونحن لا نعرف غيرها ولا نأمل أن نتركها لغيرها . هكذا عزيزي الأمور تتعقد هنا ,وهكذا تهبط علينا ستائر من عتمة لا أدري ما نهايتها .إني أعرف نهم الحياة الذي صار وحشا وحول البشر النهمين
ليست البطولة أقوالا ولا إدعاء وإلا لكان الأبطال بعدد الحصى ألم يقل المتنبي : لولا المشقة لساد الناس ————- كلهم الجود مفقر والإقدام قتال إن البطولة فداء وتضحية وصلابة وقوة وثبات رأي,وعزيمة تشمخ باسقة حين تدلهم الخطوب وتهطل الكُـروب , فتجد البطولة رجالها منتصبة قاماتهم كالجبال الشامخات . وتجلو الأحداث والكروب معادن الرجال فيتمايزون بمواقفهم وأفعالهم وتبقى الأقوال على هذا المحك الكاشف لحقيقة الأقوال . وبطلنا كان فذا في مواقفه رجلا حقا في المهمات الصعبة محنك الرأي قوي العزيمة إنه صاحب القلعة بطل بيشة وبطل قبيلة بني سلول إنه علي بن مشاري الصعيري بطل القلعة وعقلها الحصيف. ذكره كاتب فرنسي
لا تغفر لي خطأ ولا تتقبل مني عذر ا . ستحترق كل الأعذار وستكبر كل الذنوب لأنك لا تريد لي إلا هذا الحرقة التي يخلفها الندم وهذا اللظى الذي صار يحرقني ويذيب روحي . إن الندم كاف لقتلي ,والذنب الذي لا يغتفر هو ذني فما أعذار ولا وتوسلات يرق لها قلبك ولا رسائل لوم وتعنيف تجدي . أتعرف كيف يصير الذنب قاتلا ؟ حين يطرد مرتكبه من قلب من يحب ويخرج بلارجعة حينها نكون قد انتقمنا لكرامتنا ,ولكنا هشمنا إنسانا واعريناه من روحه ونبذناه من نفسه . لأن الندم سيجلده حتى يلوذ منها إليها فلا تلوذه , ويعوزه الدواء فلا