كلما جاء العيد احست أن أفراحها تتجدد بداخلها وان الكون يهديها مشاعر من السعادة جديدة ولكنها هذه المرة كانت تحس فيه بوحدة لم تحسها من قبل فهي تقضي العيد بعيدا عمن تحب الاهل والأقارب لا شيء يذكر في هذه الغربة بالعيد لا شيء يوحي بالعيد وجوه باردة تراها صباحا مع تباشير النور مشاعر ليست باردة فقط بل جامدة متجمدة وهم ليسوا بشر بل آلات متحركة عادت مع الظهر بعد انتهاء العمل وانتظرت رنين الهاتف عله يأتيها بصوت امها أو إخوتها حيث الحب والحنين حيث الوطن والأرض الدافئة . انتظرت و انتظرت ولم يرن الهاتف وصارعت عوزها لكي تتصل مضحية ببضعت
فتح عينيه ببطء و استوى جالس على مرقده غير الوثير وقد امتزج صوت زوجته بهيرة بصوت أخته الكبرى صراخا كأنه توقيت يستيقظ عليه كل يوم. تمتم لا عنا كل النساء خرج من غرفته . بدا أمامهما قزما وإن لم يكن كذلك كانت كلاهما تحاول أن ترفع صوتها أعلى وقد زادت نبرة صوتيهما حدة عندما وقف ببلاهة ينظر إليهما وكأنما تتنافسان على جذبه للصراع الدائر بينهما. قالت زوجته التي كانت في الخمسين ولكنها بدت قوية ببنية صحية , صارخة :أنت يا رجل , لم لا تسكت أختك لقد تجاوزت حدها ؟ صرخت أخته: بل لم لا تبلعين لسانك أنت ؟ كانت
نام في حضن نفسه ولكن الطنين عاود إزعاجه إز—إززززز . إز –إزززززز . حرك يده وذبه عنه . ابتعد الصوت قليلا ؛ فغفا ثانية , ولكن الطنين عاد أز— إززززززز . انكمش على نفسه وحرك يده تجاه الطنين ولكن صار قريبا من أذنه يعلو ويعلو إزززززز ——- إززززززززز هب جالسا وراح ينظر حوله في ظل الضوء الخافت لم يرَ شيئا دارت عيناه حول جسده لم ير شيئا وراح يرهف السمع لم يسمع شيئا . عاد ينكفئ على فراشه ويحتضن نفسه من جديد وما هي إلا طرفة عين حتى عاد الطنين قريبا من أذنه قريبا من عينه قريبا من أنفه. لطم
قال لها بعد حوار مشدود على وتر من اللوم : ما عدت تصلحين لشيء . وعقب وهو يدير ظهره سائرا نحو الباب : تحتاجين لطبيب نفسي. أطلق على مشاعرها رصاصة مباغتة وخرج . اخترقت كلماته داخلها وتشعبت حتى تغلغلت في أغوار النفس وحفرت لها مجرى من الألم . احتاجت لبرهة صمت حتى تلملم نفسها المبعثرة وترتق جرحها الذي أوغل فيه أصابعه حتى عاد نزفه . لم تسمح لدمعة أن تسقط ولم تأذن للغضب أن ينفلت وظلت على جلستها متكورة على نفسها تحتضن ألمها وتتأمل كل ما كان بينهما . كان حديثا عاديا بينها وبين أختها انتهى ببوح فسألت أختها بنبرة
بدا وجهها تحت ضوء القمر مسودا شاحبا ,وقد خرجت لتوها من فم الموت . كان وجهها يتصبب عرقا وجسدها متضعضعا , وبالكاد جمعت جسدها على بعضه, وزحفت به مبتعدة عن المكان قليلا ,ثم جرت الصغير الذي لفظه رحمها للتو , وقد أطلق صرخة قوية تعلن حياته , كان قطعة لحم صغيرة رخوة رطبة , حثت التراب على مكان مخاضها . أحست بآلام في كل جسدها ,ولكنها كانت تريد أن تسبق ضوء الفجر؛ فالليل قد مضى ثلثاه , ولم يتبقَ منه إلا الثلث الأخير وها قد اقترب أذان الفجر . نظرت في وجهه المتسخ نظرة حانية وقبلته ثم مسحته ببعض خرق