حطام : أدعوتني لحديث مصارحة ومصالحة فماذا ترتجي بعد مني ؟ ماذا تريد أن تحطم بعد ؟ وماذا وبماذا تتحدث من انتابتها موجات غرق بعد غرق؟ وما الذي تهبه الأغلال للمغلول ؟وكيف أفهم في زمن الرق ما يشرح في عصر الحرية وبينهما مسافات من الليل ؟ تجفل الأفكار من الأفكار وتنكمش خائفة أن تكون في العلن وهي تظن أنها بالتكتم أقل إيلاما فإذا بها أكثر ضجيجا وأكثر ثورة وسَورة . حين تبقى الأفكار المؤلمة في الأغوار مستترة تبنى لنفسها أنصالا تبردها كل حين لتفك عنها قيود الوحول وتتحرر من ربقة الطين لتعتلي وجه السماء غير مبالية بما تخلفه وراء ها


5 ديسمبر
2013

أم صادق لجوجة مزعجة كثيرة الثرثرة تقتحم المنزل في كل وقت تطرق الباب وتدخل , ثم تجلس لتثرثر في كل شيء . تتحدث عن زوجها وأبنائها ثم عن الجارات ويتسع الحديث ليصل إلى البعيدين من الجيران . كأنت أمي تصغي إليها بدهشة وصمت, وهي لا تترك فرصة لأحد ليبدي رأيا أو يقطع حديثها بأية ملاحظة . وكانت أمي تتنفس الصعداء حين تخرج عائدة لبيتها أو لعلها تطوف منازل الجيران وتنثر أحاديثها في مجلسهم وتخرج . ولكنها اليوم أضطرت لتصمت ؛ فحديث ضيفتنا جاذب ممتع  أكثر من ثرثرتها. ظلت تحدق بها تنتظر لحظات تنقض فيها وتفرط حبل غسيلها كله , ولكن


5 ديسمبر
2013

أمام طاولتها المنعزلة كانت دائما ما تجلس شاردة , وحين أطرح سؤالا  تبدو كما لو أني انتزعتها  من عالمها ,فتحدق بي برهة ثم  تقف جامدة بلا جواب . ألم تذاكري ؟ تهز رأسها بالنفي . لم ؟ لا ترفع عينيها وتلوذ بالصمت . أطلب منها الجلوس فتجلس . وأعود للشرح فتعود للشرود . حسنا يا عزيزتي , ما الذي يشغل هذا الرأس الصغير ؟ لم يفارقني وجهها الحزين ولا تحديقها إليّ بعينين شاردتين . تحدثت إليها لوحدنا  فبكت ولم تقل إلا كلمة تعتذر : عذرا أنا آسفة . وغطت وجهها بكلتا يديها واسترسلت في بكاء . قلت لها : حسنا


3 مايو
2012

 الشمس على وشك المغيب تودع الحياة الأبدية فوق تلك التلال ناثرة دماءها وأشعة واهية توشوش الحقول المجدبة تتوعدها بروح النهاية وقلب الفناء حين هرولت مريم قاطعة لجة الغبشة وناحرة خوفها من وحشة المكان هرولت بلا فكرة ولا سبب تضحك حينا وتبكي أحيانا .  كان هؤلاء المستسلمون للرتابة قد عادوا منذ ساعة إلى بيوتهم وخلت الحقول منهم الممرات الموحشة تسكنها القطط الجائعة والسماء الصفراء تهجرها الطيور المختفية في أعشاش واهية . صرخت فبدد الكون صرختها هرولت وتجاوب الكون مع وقع أقدامها المرتابة توقفت هناك  عند شجرة منزوية على منعرج طريق ترابي مغبر. توقفت طويلا تحدثت إلى نفسها أو لعلها تتحدث إلى


10 فبراير
2012

كان عبد الرحمن أو الدحمي كما كنا نسميه صديق طفولتي ,كانت السعادة تستغرقني حين أكون معه نلعب في الحارة أو في البيت . عرفت الحياة من خلاله وحين نلهو سويا أنسى الزمان والمكان ,كان يكبرني بسنتين أو أقل , ولكني ألتقي معه في أشياء كثيرة ولذا ندر أن تختلف أو نتشاجر . كنت أذهب حين أستيقظ إلى بيتهم المقابل لبيتنا فأجده يجلس على إفطاره مع عائلته فتناديني أمه لأشاركه طعامه فيفسح لي بسعادة ويقرب لي إناء الطعام والرغيف , وفي مرات كان يأتي هو إلى فتدعوه أمي ليشاركني إفطاري فافرح بمقدمه كثيرا , ثم نأكل الطعام في عجل ونخرج للشارع


< < الصفحة السابقة ¦ الصفحة التالية > >
4٬965
HTML CSS